عودة
الجندي المنتصر, ذاك الذي عاد محملا بالذكرى والتعب, وصل الى مدخل البيت الحجري. بكت صفصافة تعرفه طفلا يافعا , حين مر من تحتها وهو يعبق برائحة الموت, في حين كانت وجوه الميتين ترتسم في خطاه.
فر عصفور مخلوع القلب رعبا محلقا نحو السماء التي ما زالت صرخات الموتى تتردد في جنباتها.
الجندي "الخاكي" كثيرا, نظر نحو النجوم في فضاء من سخام .ابتسم, دق الباب فلم يجبه سوى الصدى. خلع الباب ببسطاره العسكري
كانت تنوس هنالك ,على الطاولة الخشبية العتيقة, شمعة تصارع الوحدة والريح التي تنسرب كالموت من زاوية الشباك المكسور وقربها رسالة بينما صوت الفجيعة يجول في الأرجاء
أمسك بالورقة, قراها,
وضع فوهة الرشاش في فمه, و تناثر في السماء
خيانة
لم يكن وحده ,الماكياج الصارخ, يكذب على وجهها, كانت تقضم التفاحة كفأرة مؤدبة, وتخاف على أحمر شفاهها الرخيص, تضم ساقيها كبنات المدارس وتتحدث بصوت خفيض كما لو كانت قد فقدت صوتها في ذلك الصباح.
هكذا رأيتها حين استرقتُ النظر من شباكها الذي كنت أرمي لها, فيما مضى, رسائلي تحته.
حبيبتي التي كذبت فصارت مخطوبة أصبحت تتقن الكذب الملون, لهذا فإنها سرعان ما صارت زوجة.
بعد سنوات, حين صارت محجبة مترهلة المؤخرة تفوح منها رائحة البصل ..تطارد أولادها القرود بالمكنسة وتشكو للجارات زوجا سكيرا يضربها, أصبحت وحدي ,مجنون القرية, أستمرئ الصراخ في الدغل الذي أطلقت فيه حمامة ثديها الأبيض ذات عشق, أطارد الأولاد الذين يرجمونني بالحجارة والشتيمة,..أضاجع النساء حين يغيب أزواجهن في زحمة المدينة, وفي الليل: أكتب الشعر.
نزق
كومة اللحم والحنين تلك, التي فقدت زوجها دائم التذمر قبل سنة, والذي كثيرا ما كنت اراه يشبعها ضربا, كانت امي.
في السنة الأولى بكت كثيرا, و فيما بعد صارت تقلل من ا لبكاء والذهاب للكنيسة في الآحاد, وتكثر الضحك.
ذات يوم فاجأتها تمارس التدخين مع جارة أخرى, ارتَبكَت كولد عاصٍ , وحين أدرت ظهري وعيناي تتفجران دهشة لأتظاهر بالانشغال ,ابتعدتُ فانفجرت خلفي ضحكتان مكتومتان , أكاد أقسم أنهما لا تصدران الا عن بنات المدارس
تنتظره
تنتظره, المرأة المضيئة كالفلورسنت الأبيض, أمام الشاشة, تتظاهر بتصفح موقع الجزيرة, أو تنزيل أغنية ام بي ثري لفيروز. وحين يتأخر كثيرا, تنفجر بالبكاء المكتوم فتنتشر في الهواء رائحة الياسمين.
"هو" انشغل "قليلا" في تلك الليلة !
محاولة للكذب
"أنا لا أحبك", هكذا ارتعش القلم, على الورقة التي كانت عذراء قبل قليل
"لا أحبك" , هكذا كتب, فأطال كثيرا في الشرح على بطن الورقة الممزوعة التي تلطخت كثيرا بالكلمات التي شطبها فيما بعد عن آخرها.
مزق الورقة- الضحية, دفنها في سلة المهملات التي تحتوي على "مجزرة" من الورق , وأجهش بالعويل :
"أعشقهاااا" !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق