الخميس، نوفمبر 10، 2005

بتر

الكتابة لعنة, وحين يكون لديك ’قضية‘ فإن لعنتك تكون ’ألعن ‘ .
****


تكتب كي تمارس الحياة, هذه العبارة ليست مجازا بالمطلق, أنت تكتب , كي تعيش متوازنا, كي تستعين على حساسيتك المفرطة تجاه الأوجاع اليومية, وعن عدم قدرة قلبك على احتمال وطأة الفرح المفاجئ الذي يختبئ في زهرة شتوية, وضحكة ولد, وقبة قميص نسائي مفتوح على نصف نهد وعمر كامل من الاحتمالات
***

ثم: أنت لا تكتب كي تترفع عن الآخرين, كي تمارس الإنعزال, أنت لا تكتب كي تتفرج
من فرط الكتابة يتملك الوهم بالرسالية, هل هذا كله وهم؟ لا أدري

***

اليوم كنت على موعد مع
هذا الرد وأصبت بالدهشة:
هل السخرية, كقناع آخر للخجل والإرتباك أمام الآخرين, أداة مشروعة؟

اكتشفت بديلا آخرا وجميلا وانتحاريا: بدلا من أن تجرح الآخرين, إتركهم وامض. باستطاعتك دائما أن تبني بيتا غير هذا البيت, باسم آخر, وبقناع آخر
سيتطلب الأمر وقتا يتطاول ويوغل في الاستحكام وراء أقنعة جديدة, هذا ضروري كي تواصل الكتابة, الضرورية كي تواصل الحياة

روزاليندا, كائنة من كنتِ, شكرا لمرورك في مدونتي. لكن مرورك هذا يستوجب البتر, الآن, هنا, حتى لا يطير الدخان :)
إذا, هذه تدوينتي الأخيرة هنا
الرب أعطى
والرب رجع بكلامو وطلع ولد صغير
فليكن اسم الرب مباركا

تحرير: أي مين هاي "روزاليندا" أنا التاني ؟؟ المقصود أزميرالدا





الجمعة، نوفمبر 04، 2005

عشبة




"he could find the good" by Aaron Jasinsky


سميح شقير: عشبة

شعر: سليم بركات




عشبة في حطام المراكب
جمرة في صحارى الكلام
لا إله يضيء الخرائط
لا شواطئ فيها ننام
هكذا ننتهي:
وجع في ثنايا الرخام
مسّنا هاجس الغائبين
فارتكبنا السفر
نحن لسناأنينا
أو بقايا شجر
نحن هذا الزحام
في سماء البشر
خالطتنا الوحوش
والطيور الرقيقة
نحن بدء الذهول
وجنون الحقيقة
عشبة
في حطام المراكب
جمرة
في صحارى الكلام
هكذا ننتهي:
وجع
في ثنايا
الرخام



الشكر موصول ل"زرياب" على الأغنية
http://hazayan.blogspot.com

الخميس، نوفمبر 03، 2005

عاشت الذكرى





سميح شقير: صلي لنا

الأربعاء، نوفمبر 02، 2005

مسرور يمارس الحب.
























لوحة متواضعة مرفوعة إلى مقام الإخوة حماة الوطن: المخابرات


إننا ننسى أن السَجَّان هو، بصيغة ما، سجينٌ: إنه سجينٌ بلا أُفُق، ولا يحمل
أيّ رسالة، وإنّ ما يبحث عنه ليس هو تحقيق حريته وإنما منع الآخَر من أن يكون
حُرّاً، إنه ضحيةُ نفسِهِ. السَجَّان لا يستطيعُ الغناءَ لأنه يَجهلُ كلَّ شيء عن
الكآبة، إنّه لا يملك، لا الندَم إلى السماء ولا الحنين إلى البحر. أما السجين،
فبالمقابل، يُغَنّي، لأنّ الغناءَ وسيلتُهُ الوحيدةُ للإحساس بِوُجودِه الخاصّ
والبرهنة عليه. وهو في أعماق نفسه يُحِسُّ بأنه أكثرُ حريةً من سجّانِهِ الذي لا
يَملِكُ وعياً بحريته الخاصة وبعزلته الخاصة. إنّ دور الشِّعَر هو أن يمنَحَنَا هذه
القوة، بالرغم من أنها تَخَيُّلِيّة.
محمود درويش

مسرور يمارس الحب





يشعل مسرورشمعة, يشم الوردة التي على الطاولة. يمرر طرف بتلاتها على شفتيه.(عيناه الآن مغمضتان).
يشتاق مسرور إلى رائحة الخبز تتخلل خياشيمه, فيجهش بالذكرى: بيت من طين, وأم تمد يديها في الطابون, وقمر يضيء الطريق المفروشة بأغمار السنابل. مسرورالآن شاعري جدا.
يعيد مسرور الشاعري الوردة برفق إلى الكأس الذي يرتجف من الرعب.
يستل مسرور الشاعري سكينه, ويمدد قالب الخبز على الطاولة, حد السكين يلمع في الظلمة, يزيل برأس السكين غلاف النايلون عن الكتلة البنيّة التي لها رائحة الحطب والتراب.

(مسرور الشاعري يشعر بالطمأنينة )


يغمد مسرور الشاعري (الذي تجتاح قلبه الطمأنينة ) السكين في قلب قمح الضياع الفقيرة المحروق على شكل مستطيل محايد, وينتزع جلدها.
يلوك مسرور الشاعري, جسد الحقول, يقطع مثلثا من الجبن الهولندي ويتناوله بشفتيه من رأس الخنجر .
يفكر مسرور-الشاعري (المطمئن): هذا الليل تنقصه حلمتان تنتفضان فتضيئان العتمة, يفكر مسرور:

لو أنني أكتب قصيدة

برعب شديد, يلملم مسرور الشاعري (المطمئن) الفكرة التي انداحت أمامه كمساحة من الدم المسكوب الذي يأخذ مداه, ويحرقها قبل أن يذر رمادها في صفيحة القمامة, وهو يتطلع من شباك الغرفة بعينين قلقتين.


قصيدة!


أي شيطان ألقى في جمجمتي هذه الفكرة- العاهرة!

أصير من أعداء الوطن ؟

فشر! , قال مسرورالشاعري الذي ينقّط طمأنينة, ينتفض حين تجتاحه حمى حب الوطن ..

يتذكر مسرور, المطمئن والشاعري, أعداء الخليفة المتربصين بالوطن ويكتبون الهرطقة.

وجه العدو يلمع الآن في ذاكرة "مسرور" :
العينان الحمراوان في العتمة, والأسنان التي تنتشر عشوائيا على الأرض الإسمنتية, الجسد المبلول, رائحة الجلد المشوي بالكهرباء. و مسرور , الشاعري, الوطني, يعبث بالمقبس وينتصر للوطن الذي يمتد عاريا ومقلوبا على بطنه تحت الخليفة.
ينظر مسرور في حدقتي العدو المحمرتين, يشاهد إمرأة , جسدها أسمر كرغيف خبز, تتمدد عارية في العينين.

يندهش المواطن مسرور(القلق من فكرة القصيدة), يتملى الجسد الذي ينتفض كعصفور تماما في وسط حدقة الشاعر الزنديق.
مسرورالشاعري, شاعري إلى أقصى الحدود الآن, هو يشعر الآن بالإنتصاب, وهو يشتهي المرأة التي في عيون الشاعر الخائن, يتقدم منه ..
يقحم إصبعه في العينين , يخرج إصبعه المبلول: المرأة لا تريد الخروج!
مسرورالشاعري, المفعم بالطمأنينة غاضب الآن
كيف!! كيف تخصب الحقول, لماذا تتعرى النساء أمام الخونة! يتساءل مسرورالشاعري, المطمئن, القلق, الوطني, الغاضب

يفكر مسرور: زانيات!

يواصل مسرورالشاعري المفكر, الذي يحس بالطمأنينة, الوطني, وأصابعه تداعب مفتح الكهرباء, رغم شعوره بالقلق, عمله بغضب شديد
يطلب من الجسد المصلوب ذي العين المفقوءة أن يغنّيِ للخليفة

غنِّ, قلت لك, قال مسرورالشاعري, المفكر, الوطني


الجسد الظل, يحدق بالعين الباقية بصلعة مسرور, بكتلة عضلاته, يفكر بالقمح, وبإمرأته البعيدة, و بالخليفة الذي يحرق الحقول ويسبي النساء, يتساءل الجسد الصامت: عندما تصعد الخضرة في نسغ الشجر, والفرح في الشوارع والأطفال في الأغاني المدرسية, هل ستكفي عيني الواحدة لرؤية هذا كله؟

مسرورالشاعري, يتفجر غيظا وطنيا أمام كتلة الصمت المصلوبة , والتي لها عين حمراء واحدة

غنِّ!!
لماذا لا تغنّيِ ؟؟
غنِّ, قلت لك
غنِّ
لماذا لاتغنِّي
غنِّ

الثلاثاء، نوفمبر 01، 2005

فوضى





كيف للأحلام أن تهطل على سرير لا يملك الحد الأدنى من مقومات الفوضى ؟


غرفتي, 1 تشرين 2005

الاثنين، أكتوبر 31، 2005

هي أغنية,, هي أغنية



نوقد لك في محراب القلب شمعة

قيدوا شمعة يا أحبة ونورولي

رمشتين من رمش عين وبيندهولي

من هنا, سكة ملامة

من هنا

سكة ندامة

سكتين, يالله السلامة

أمشي فين, يا ناس قولولي

قيدوا

شمعة

ونورولي

كراسة رسم







1
أسود

يبتسم الولد ذي الشفتين اللتان تبدوان كقطرتي ندى, يضحك حين يحمله الرجل الذي يشبه دبا ضخما طيبا.
يمد الولد كفه الوردية اليمنى نحو ثدي الرجل, فيفر عصفور داخل صدره الذي يشبه جلد غوريللا مكسوة بالشعر.

الرجل, يحدق في عينين أصغر من قطرتي عسل, يضع اصبعه على شفتي الطفل الذي يثغو.. ينظر الرجل الى معصمه الأيسر: " حان وقت العمل".

يضع الطفل في مهده الخشبي فوق الأرض الباردة المفروشة بالحصير, يقبله ويربت على كتف الأم الساكنة التي تحيك الصوف أمام الموقد.
يضع قلبه في الخزانة, يرتدي, تحت معطفه الأسود, جرزة صوفية مثقوبة من جهة القلب , ثم يغلق الباب بهدوء كي لا يزعج الملاك الذي نام للتو.
"مسرور", سياف الخليفة, يذهب الى عمله, كعادته منذ سنوات!!

***


2
رمادي

هذه السيجارة, لن تستطيع ادفاء صدرك, ذاك المستباح أمام الشحاذين, ورئيس شرطة المدينة, و الأبناء المراهقين لتجار الذهب والصيارفة.
لم تعد تستطيع إدفاء صدرك يا امرأة تفرك جلدها عند حمّام الفجر البارد بخرقة تكاد تمزقه لكي تستطيع النوم وفي مسامها رائحة أخرى غير رائحة لعاب الزبائن الليليين.
لن تدفع الصقيع عن صدرك, تلك الجمرة الصغيرة, يا امرأة الشوارع المظلمة كقلب لا يطرق بابه سوى السكارى و زبائن الفجر البارد, فتعالي الي أنا؛ بائع الزهور الذابلة الذي يرش ايامه على الرصيف المقابل لرصيف الداعرات وهو يصفر أغنية طويلة وحزينة كالعمر الذي أمضاه في زحمة المدينة التي يشبه لونها رماد سيجارتك.


***

3
أحمر

تحت الحجر, زرعته, ذلك الحجر الذي يكاد ينشق عن وردة حمراء كهتاف الصبية في مظاهرتهم الأولى, كشهيق الشهيد الأخير, وكبرقوقة تشعل الظهيرة تحت عش السنونو, تحت الحجر تماما, في تربة رطبة حبلى بعشب السنين القادمة الذي سينام عليه عاشقين في زمن آت.
زرعته تحت حجر, لم يكن لدي الوقت الكافي لألفه برسالة عاشقة, ولم يُبقِ لي الرصاص الذي يثقب الهواء والصباحات والأفئدة شهيقا كافيا كي أزيل عنه الصدأ
تحت الحجر زرعته, تماما تحت الحجر, حيث ستسندين رأسك ذات ليلة وتنظرين نحو النجوم وتعُدين الأيام التي تبتدئ من حيث قدميك وتمتد حتى تتخلل مفرق شعرك, وتصير في ليل المساكين نجمة.
هنالك, تحت الحجر, حيث العشب الذي يشق رحم التراب صهيلا صاعدا نحو نحر الشمس وأفراح الغلابا و أعياد العنب
يا التي كنت ساعشقها يوما
ضعي أذنك على العشب يوما, لأجلي, ستسمعينه من تحت الحجر, كجناحي يمامة, يخفق .

***

4
أبيض

غيمة فوق الأرض, تلد حمائما, وتتشكل أمام عيني الطفل : غزالا
غيمة بيضاء فوق الارض, تستولد الأغاني, فيسيل منها الندى على أسطحة البيوت المعشوشبة فوق حكايا الجدات اللواتي تلمع أعينهن كالخرز في الشتاءات قرب الأطفال الذين يعاندون النوم
غيمة بيضاء تسيل من قنبلة الغاز تتخلل جرزة الصوف, والجلد الطري, والعينين اللتان ترعيان في السماء, سكينة قطيع الغزلان الشاردة
غيمة بيضاء, تبتلع جسده الساخن الداخل توا في حلق الموت, وفي عينيه صورة لغزال سارح في زرقة السماء

***

5
أزرق

كالبحر, ينفتح الأفق أمام عينيه, فيغني عن سور عكا موالا طويلا كليل العسكر
"عكا فرس من موج
عا شطّ البحر
عكا إسم للطير والأفراح
وما غنّى العمر"

تحاصر أغنيته الحشرجة, فيشعل لفافة التبغ المغموسة بعبق البحر, وينفث روحه في المدى طيرا يحلق في سماء الشعوب

"عكا, فرس
عصفور طار فوق الحدود
رغم الحرس
عكا بحر
عكا جبل
عكا عمر جاي
عكا. أنا
موال أزرق, ميجنا
كيف اللي حاصر أو دخل
لبيوتك البيضا.. رحل
كيف اللي عمره ما انكسر
ع بوابك الخضرا انكسر "

على الشاطئ المكسور بالسور الصخري, يصفر أغنية عاشقة حزينة, ويطير نحو المدى, قفزة حرة نحو الصخور والرذاذ ومزق الأشرعة . صوت مكتوم لا يكسر عادة البحر اليومية, والجمجمة التي انكسرت فاندلقت منها الأغاني غاصت في زرقة البحر صرخة مكتومة لن يسمعها أحد.


***
6
أخضر



تلحسوا طيزي, إنتوا ما صدقتوا ؟ :)




أما أنت يا مقيم الصلاة, أعطيها بتعطيك

السبت، أكتوبر 29، 2005

بلادٌ على أُهبةِ الفجرِ


هنا, عند مرتفعات الدخان, على درج البيتِ
لا وقت للوقتِ,
نفعلُما يفعل الصاعدون إلى اللهِ:
ننسى الألم

الألم,
هو: أن لا تعلّق سيدة البيت حبل الغسيل
صباحا, وأن تكتفي بنظافة هذا العَلَم

بلادٌ على أُهبة الفجر,
لن نختلف
على حصة الشهداء من الأرض,
هاهم سواسية
يفرشون لنا العشب
كي نأتلف
محمود درويش: حالة حصار