الخميس، أغسطس 25، 2005

طرف مكسور خفي

1.
أوديب:
في كل مساء, عندما تغفو الشمس في حضن الجبال, وزرقة البحر, وبين أشجار البتولا, تولد أغنية جديدة, فيشتعل جسد بالحلم وصعقات الكهرباء, في إحدى الزنازين.
في كل مساء, ينهار آلاف الحالمين, تحترق مليون شجرة, وتتساقط كل العصافير على الأرض كأوراق الخريف.
بعد عام, سيخرج سجين ما, ولن تكون الغابة جديرة بوهج الأغنية والأحلام.
.....
سيلف حبلا على أحد الأغصان, ويتلو انهياره في المدى, قبل أن تغفو الشمس في حضن الجبال, وزرقة البحر, وما تبقى من الشجر.
2.
عيد مجيد :
ثلج.. ثلج كثير يتراكم على خشب النوافذ, والعتبات, و أغصان الصنوبر, وأبواب القلوب.
انقطعت الكهرباء, تسرب الدفء في الحلكة الخافتة من شقوق المصاريع, وارتدت ريح الشمال قلب وحش يأكل البشر, ويخطف الأولاد الهاربين من دفء الأسرّة. ويخلع الأبواب , و الصمت, وقلبه المتهالك.
لم يعد قادرا على رفع الغطاء الصوفي , انتفض قلبه الواهن , فأدرك أن أحدا لن يسبل عينيه هذا الفجر بعد أن يسلم الروح.
بعد اسبوع, توقف الثلج عن الهطول, وامتلأت الساحة بالصرخات والأولاد.
في الأسبوع القادم, ستفوح رائحة الجثة, وسيكسر الرجال باب الغرفة المظلمة, عندما يذوب كل الثلج عن الطرقات والعتبات والنوافذ, ويتراكم في القلوب.
3.
بالأحمر:
يكمل الولد عشاءه, يتسلل نحو العتمة وفي يده علبة طلاء.
تكمل المدينة إحكام العتمة حول نومها, فتغط في ليل آخر مديد.
في الصباح تستفيق المدينة على أحلامها مكتوبة فوق الجدران, ملآى بالأخطاء الإملائية , وعلى خبر استشهاد فتى ترتسم على اصابعه آثار عصى الاستاذ, وزعتر الأمس, وبقايا طلاء رخيص.
4.
بصيص نور:
بعد ان استحمت , وانتهت من تمشيط شعرها, ومسح بقايا الصباغ عن الوجه المنهك, وغطت في نومها العميق, حلمت العاهرة بزوج لا يضربها كثيرا, وبباب لا يركله الغرباء بأقدامهم, وبطفل تلده وتربيه, فيتركها عندما يبيض شعرها, في مهب الحياة, على أمل أن يعود ذات يوم فيقرأ الفاتحة على شاهدة القبر في الطرف القصي من مقبرة المدينة.

ليست هناك تعليقات: