الجمعة، سبتمبر 30، 2005
الشتا عالبواب
أقحوانة تعلن قدوم شتاء2005
أعطيت حالي إجازة في 30-9 ,ذكرى استشهاد الرفيق فؤاد نصار
وأيضا: أغنية عن قصيدة طلال حيدر
وحدن بيبقو متل زهر البيلسان
وحدهن بيقطفو وراق الزمان
بيسكرو الغابي
بيضلهن متل الشتي يدقوا على بوابي
يا زمان
يا عشب داشر فوق هالحيطان
ضويت ورد الليل عكتابي
برج الحمام مسور و عالي
هج الحمام بقيت لحالي
لحالي
يا ناطرين التلج
ما عاد بدكن ترجعوا
صرخ عليهن بالشتي
يا ديب
بلكي بيسمعوا
الأحد، سبتمبر 25، 2005
كهولة
طعم التبغ في فمي..
حرقة الذكريات
عندما أمشي من جديد
تحت شباكها
في شارع "صلاح الدين"
سأعود طفلا محترقا
بالتساؤل
وحيدا كجمجمة
وفارغا
كشبّاكها ! "
السبت، سبتمبر 24، 2005
يا أخو الشليتة يا تاريخنا
كل يوم بتصحى هالشعوب من طيز الصبح, بتشرب شاي, بتطلع عالشغل, بتشتري الجريدة لتقرأها بالازدحامات المرورية, بتتدافش عالباصات, بتوصل عالشغل, بتقرأ الجرايد (وهالشي تأكيدا على إنو شعوبنا شعوب مثقفة) , بتتغدى بالشغل, بتكش الدبان (بالجرايد) وبعد كم ساعة بترجع على محطات الباصات, بتتدافش, مجددا, بتتبادل الجرايد بالانتظار واثناء الازدحامات المرورية, بترجع الجرايد لبعضها بس توصل لمحطاتها, بتوصل عالبيت وبترتمي قدام التلفزيون , بتفرش الجريدة وبتحط عليها صحن البيض المقلي والزيتون والخبز , بتنام الشعوب, بتتنايك الشعوب (عشان تجيب شعوب مستقبلية أكثر اهتماما بالشأن الثقافي وأكثر قدرة على المدافشة بالباصات) وبعدين بتبدا يوم جديد بعيون حمرا, وبريحة السكس الطالعة من شبابيك غرف النوم. وبريحة الحبر الطازج الطالع من جرايد طازجة بأخبار مكرورة وأسماء جثث جديدة ووزرا جداد ولجان تحقيق جديدة.
بعد كل هالشي, بتيجي مؤسسة غير حكومية مشبوهة بيديرها متلبرل أخو منيوكة وبيدعي إنو الشعوب بتعاني من الأمية
وبعد كل هالشي, بنسمع أصوات مأجورة بتنفي إن التاريخ عم يعيد نفسو
ولكوا, يا إخوات الشليتة, كيف التاريخ ما بدو يعيد نفسو, إذا النهار نفسو عم يعيد نفسو؟
يالله, ’نفسوا‘
ملاحظات على الهامش, ويعني: قبل ما تنفسوا
أولا: نسيت (ألله يلعن الشيطان) البحث في ظاهرة ’يوم الجمعة‘ الخارجة عن المألوف الأسبوعي, ولكن, وبعد التدقيق والتمحيص, اكتشفت ان يوم الجمعة بييجي تماما بعد ’ليلة الخميس‘ مما يعني أن الشعوب بتصحى متأخرة مع ملاحظة وجود علامات بتتراوح بين الأحمر والبنفسجي والأزرق على رقبتها, ثم أن صلاة الجمعة بتصادف يوم الجمعة , مما يعني أن شعوبنا بتتحمم, وبتطلع على الصلاة, (مجددا عبر المدافشة بالباصات) وبس تخلص الصلاة, بدها ترجع بذات الطريقة عشان تستنى صحن البيض المقلي والزيتون, مع إمكانية إضافة اللبنة, كصنف إحتفالي بهاليوم المتميز في حياة شعوبنا ومنطقتنا, ومن ثم بينام كل شعب على بطنو(يعني لحالو, لأنو تعبان من ليلة الخميس, -في حالات طارئة ونادرة بيضطر الشعب بهاليوم يلجأ للبوس كمخرج لتنفيس أزمة ممكن تكدر أجواء المصالحة الوطنية والتعايش الطائفي- ) وبيترقب بزوغ شمس أسبوع جديد حافل بكل ما هو ممتع ومثير وغرائبي, تماما زي الأسابيع اللي قبله.
والله من وراء القصد
مجاز:
لاحظتوا إنو أسلاك الكهربا اللي ورى الكمبيوتر بتتعقد لحالها؟
يعني, بنشتري كمبيوتر, مثلا, وعالأكيد بنشتريلو طاولة لونها بدو يكون بكل تأكيد بني أو بيج , وعالأكيد بدنا ندفس هالطاولة بحد شي حيط, لأنو عالأكيد (مجددا) إمك (أو مرتك إذا خانك الحظ) مستحيل تحطللك الكمبيوتر بنص الغرفة وتضل تكنس بقايا السجاير وبقع القهوة وفتافيت الخبز والبسكوت. من المحل الأكثر بروزا بالغرفة, لهيك, بتضطر تنفيك لشي حيطة منسية وبعيدة عن المركز, هالشي على الأغلب رح يوافق مزاجك لأنو إنت كمان محتاج للخصوصية أثناء تصفحك ’المعلومات‘ بالإنترنت
كنا نقول: الكمبيوتر (متلو متل الفلسطينية) بدو يكون ظهرو للحيط, مما يعني انو ما في حدا بيقدر يلعب بالأسلاك اللي وراه , وبالتالي مستحيل يقدر يعقدها
بعد شي شهر, بتتزايد قائمة أصدقاءك عالمسنجر, وبتتزايد ساعات قعودك عالكمبيوتر, وبعد بشوي, بتصير تشرب قهوتك هناك, وبتضطر تحط متكة للسجاير, وبخلال فترة بسيطة بتشعر بحاجة لسطل زبالة صغير عشان تكب فيه السجاير اللي تجمعت بالمتكة, وبخلال هاي الفترة رح تتعرف على شي صبية.. عفوا, على شي ’معلومات‘ تشارك هموم حياتك الإفتراضية, وبعد شي شهر بتكتشف إنك مش قادر تعيش حياتك من غيرها, فبتعترفلها إنك بتحبها وبتصير كل شوي تحطلها آيكون الوردة بالمسنجر. .. بالمحصلة النهائية, بتكتشف إنو المنطقة صارت كتير وسخة وصار لازم تتنضف
كنا بنقول: الطاولة..
بتيجي إمك (أو ’إمك بالرضاعة‘ - إذا خانك الحظ) بدها تعمل تكنيس للمنطقة, فبتضطر تحرك طاولة الكمبيوتر, وبالتالي: بتضطر حضرتك تساعدها
هون, بهاي اللحظة تماما, إنت بدك تندهش, لأنو بدك تتساءل : العمش, ولكوا كيف تعقدت الأسلاك كل هالقد؟؟ يعني مش معقول .
وبحكم إنو إمك (أو شريكة حياتك إذا خانك الحظ) موجودة معك بالغرفة, فرح تضطر تكتفي بالإندهاش, ورح تكبت رغبتك بالكسكسة لأخت أسلاك الكهربا
بهاي اللحظة بالذات, بيتغلب اضطراب المشاعر فيك على التساؤل الحقيقي والمنطقي "شو اللي عقد اسلاك الكمبيوتر بالرغم إنو ما في حدا حرك طاولة الكمبيوتر قبل هيك" . هالإضطراب بالمشاعر, مضافا إلى رغبتك الشديدة بإنجاز عملية التطهير بأسرع وقت ممكن لأنو صاحبتك بتستناك على المسنجر (في حالة إذا كانت اللي عم تنضف الغرفة هي مرتك, بدها تكون صاحبتك داخلة على المسنجر تحت مسمى ’أبو السباع‘ أو ’باطل‘ أو ’المعلومات‘ بهدف التشويش على رادارات المدام)
بنرجع وبنقول, بتنسى, قضية تشابك الأسلاك
بتتوكل على ألله, بتعيد ترتيب الأسلاك, وبس تنتهي عملية التنضيف, بترجع الطاولة بانتظار دورة التنظيف القادمة
بعد شي شهر, بتتكرر ذات القصة, مرتك(إمك, مش مهم) بتحرك الطاولة, وبتكتشف مجددا إنو هالأسلاك مشربكة مجددا, وطبعا إنت بحكم الاعتياد بتفقد دهشتك, فبتضطر, ميكانيكيا, انو تعيد ترتيب هالاسلاك, ترجع الطاولة حد الحيط, تفوت عالمسنجر, وتبعت آيكون وردة للـ’معلومات‘.
أنا, بحكم إني عانس إنترنتيا, ما فقدت اهتمامي بالأسلاك , باختصار: اكتشفت إنو ظاهرة تشربك أسلاك الكمبيوتر هي لازمة فيزيائية لهالأسلاك, تماما مثل ما البلل لازمة فيزيائية للمي , والملوحةصفة للملح : التعقيد والشربكة صفة "سائدة" و "لا متنحية" بأسلاك الكمبيوتر
إحتجاج
بيقولوا إن 99% من خيوط الحل في المنطقة بإيدين الأميركان, هالعبارة كتير منسمعها, وأنا ما بحتج على فحواها بحكم إنو راسي مش فاضي لمناقشة الثانويات, أنا بحتج على التوصيف. وبقترح على الأحزاب والجمعيات والفضائيات ودوائر صنع القرار ووزارات الإعلام العربية استخدام مجاز فيزيائي بديل عن قصة الخيوط هاي..
ليش ما نقول, مثلا : 99% من أسلاك كمبيوتر المنطقة بإيدين الأميركان, إذا كنا ليبراليين, أو فاقدين الأمل
؟
أو 99% من أسلاك كمبيوتر المنطقة بإيدين المقاومة والجماهير, إذا كنا يساريين
؟
وفي حالة كنا مسلمين, فما في بديل عن التقرير: 100% من هالأسلاك, مضافا إليها الكيبورد, والسي بي يو, والشاشة, وحتى مزود الانترنت بإيدين ألله اللي واعدنا بشي 77 معلومة بتسطل سطل.
الجمعة، سبتمبر 23، 2005
ليالي الحصار السعيدة
نموت إن لم نقتل الآلهة
يا ملكوت الصخرة التائهة"
****
كوب الشاي, مشروب يستحضر الفقر بكامل قيافته فتنثال تداعيات الجوع الذي يفتح شدقيه على الشباك وينقر الزجاج طالبا النجدة من كل هذا الموت الذي في الخارج, يفحّ الجوع ذي الجسد الأبيض العاري فتتجمد عروقك, كوب الشاي , ابحار المجازيّ في البحث عن كمشة دفء يمكن أن يملأ أمعاءك المرتبكة بحكايا المطر.
شيئا فشيئا, على عتبات هذا الفجر المشروخ بالقنابل المضيئة وقذائف الـ تي 3 والرصاص عيار ثمانمئة و 1200, ينقص الشاي, فيمتلئ الكأس بهواء الصبح الكحلي, ترتخي الأعصاب ويصبح من الممكن أن تستسلم للنوم تحت الشباك في كل هذا البرد. والجوع لا زال ينظر إليك من الشباك بحدقتين فاغرتين
****
رصاصة الكلاشنكوف ب12 شيكل , رصاصة الإم 16 بـستة شواكل, علبة دخان الجولواز بعشرة شواكل.. مخصص التنظيم 400 شيكل , تفضل وحلها, عليك أن تختار بين أن تقلع عن التدخين وتوفر ثمن صلية تطلق عبثا على دبابة ميركافاة, أو تعمل على المدى الاستراتيجي: تشتري بالـ400 شيكل دخان, وتسهم في تلوث البيئة كي يموت الجنود, والإحتلال, والكروش, وبعوض المستنقعات, والقيادات المهترئة التي قد ’ترش‘ على يافطات انتخابات الجامعة ما يمكن أن يشتري صناديقا من الذخيرة
****
ليس في بيت لحم أحمد سبع الليل, ليس هنالك أحمد زكي, ربما في هذه المدينة لا وجود لأحمد على الإطلاق,
قبل الإجتياح, أغلق العقيد مركز الشرطة وزع على العناصر مخازن الرصاص, 3 لكل عنصر, وقال لهم: إسمعوا, الجولاني, الجفعاتي, المظليين, دوفدوفان, إيجوز, و الدبابات والأباتشي والإحتلال والهامر وشارون وموفاز وأميركا قادمون .. فانتشروا.
انتشر الفقراء في الشوارع, تحت البيوت ورحمة الأباتشي, احتموا بالخرائب, مروا بجانب الجسد الأبيض الذي يحدق في من نافذتي بعينين فاغرتين ,
أحدهم, جبان جدا, يحب حياته كثيرا في زمن التحام الأرض بالملحمي فيها, يبحث عن خلاصه الفردي في زمن يكاد حتى السكس يكون فيه جمعيا وفعلا قوميا مضمخا بالدم. خطاه قادته نحو بيت خطيبته, هنالك أخفى كلاشينكوفه, طوى بذلته العسكرية ونام بالشبّاح حتى انتهاء الاجتياح
انتشر الفقراء تحت السناسل, يشحذون الساندويشات وأكواب الشاي من بيوت السكان المرعوبين, وعند "الإيلاج" أطلقوا كل ما في مخازنهم ولاذوا بالفرار..
بعد أيام,عندما رهز الاحتلال رهزته الأخيرة في شرايين المدينة. انسحبت دباباته, وعاد الفقراء الذين يلبسون ثياب الشرطة المتسخة بغبار الحواكير المحيطة إلى عقيدهم.
جميعهم عوقبوا بخصم معاشاتهم الشهرية لثلاثة أشهر متواصلة لأنهم أهدروا مال الدولة.
ذاك,ذي البزة التي لم تخصب بالشوك وغبار الأزقة, لم يخصموا معاشه
****
"ما بعرفن, ما شايفن
لفّوا وجوهن بالقمر
ما بعرفن
ما شايفن
خبوا سلاحهن
بالوعر
خبوا أساميهن
ما في حدا بيشوفها
إلا إذا ماتوا
وتعلقوا متل التحف
متل القمر
عم ينخطف"
جنود الأمن الوطني, القادمين من غزة, الفقراء الذين يقيمون على علبة السردين في خندقهم مأدبة, الذين يدخنون "عمر" و "فريد" و "إمبريال" , الترابيون ذوي العيون المكسورة حين تمر عنهم صبايا الجامعة دون أدنى التفاتة,
المخلوقات التي ترتدي بذلات ترابية مهترئة, تشتري بمعاشاتها الشهرية دخانا وسردينا ورصاصا للكلاشنكوف, لأن القيادة لا تسمح لهم بإهدار أموال الدولة, ولأنهم يشتهون أن يقيموا وليمة شواء على لحم الميركافاة
****
ميري, مجددا, لا تزال عينا هذه البنت تحرقان داخلي
ميري , أراها فأسمع صوت أميمة الخليل: نامي نامي يا صغيرة
ميري تفتح حدقتيها عن آخرهما, جاء الملثمان, كمنا في "بيت جالا" تحت بيتها القريب من مشفى المدينة, والإحتلال على مسافة أمتار من المشفى , والمشفى على مسافة امتار من البيت, والملثمان المسلحان بالإم 16 يكمنان في انتظار الاحتلال الذي يختبئ في الدبابة
سكن الليل, والهدير, ووقف الموت في كحلية الفجر يتفرج على ميري ويعد خواتمه, والملثمان يغطيان ارتباكهما بالعض على هذيان ما قبل الموت, أحدهما كرر أكثر من مرة بيتا من "عبد الله الإرهابي :"عضلات الزند, جميع الرجف الحربي, وبيتان من العشق وسيف ومكارم"
يخرج الأبوين, وجورج الصغير إلى الملثمين, يقولان لهما: ديروا بالكوا, الدبابة قريبة, وثلاثتهما يأملان ألا تحدث المعركة تحت البيت حتى لا تتشظى حياة العائلة في معمعان الثورة التي تواجه الميركافاة ببندقيتي إم 16 ويناديان "ماري":
ميري, تخافيش حبيبتي
وميري المتجمدة, على أهبة الموت فجرا , تظن المسلحين جنودا اسرائيليين جاؤوا لذبحها
ميري, يجرها ’جورج‘ الصغير من يدها, فتنساق في صمت الحملان نحو درج المنزل, تستجمع روحها فتتحرك شفتاها الزرقاوان, تسأل أحدهما, إنتوا عرب متلنا عمو؟. تحاول رسم ابتسامة تتسول بها الإيجاب, تنهار ابتسامتها تحت هذا البرد
تنهار القصيدة, وينهار أحد الملثمين.. تغرورق عيناه بالدمع فينادي صاحبه, تعال, معركتنا هنا انتهت, فلنبحث عن مكان آخر نموت فيه
****
هل قلت أنه لا "أحمد" في بيت لحم؟
حسنا أنا مخطئ
هنالك أحمد السمور, الذي أفرغ مخزن الرصاص في بطن الدبابة من أحد الأزقة وانطلق لا يلوي على شيء, وحين حاصره الموت من كل جانب دق على باب أحد البيوت فسمع بكاء طفل, كل هذا وماسورة الموت تستدير نحوه, تضعه على صليب المهداف, في مدينة يسوع, والطفل يبكي في الليل, والليل ينتحب على هذه الهزيمة التي لا تندلق على المدينة مرة واحدة كالمطر كي "نخلص "
شد يا أحمد زندك
فالأعالي تشتهيك
تعشق بندك
ما هو العالم بعدك
هذه الحواكير تسعى إليكا
نشأت تحت يديكا
فأثرها
وأدرها
وليكُ اللاحدّ حدّك
وسّع الدنيا إذا شئت
وإن شئت اختصرها
جُمّع التاريخ عندك
ماسورة الدبابة تستدير, وأحمد السمور يدق الباب الآن بكلتا يديه,
الطفل الآن يبكي, والصوت يمر من شق تحت الباب نحو قلب الرجل ذي البندقية الخاوية
والماسورة تستدير
, "وأحمد من هنا يصعد
كي يرى حيفا"
صوت الأم تستجدي الغريب ألا يرشق دمه على باب منزلها, وقرب الباب خروبة يكاد قلبها يسقط في عمق هذا الليل
"كل هذا الليل لي !"
يستدير أحمد
يدرك أن هذا الموت يليق بالفجر الكحلي, يستدير, ويواجه الدبابة
"وشوهد يهوي
إلى باطن الأرض
لكنه, مغرم بالوصول"
****
أميمة الخليل تغني: عصفور طل من الشباك, والسيجارة تنتحر على شفتيه, يقترب من المدفأة اكثر, يود لو يخبئها في ضلوعه, ينظر من النافذة المتصالبة مع ضوء القمر, لا غيوم في السماء
صوت القصف يقتلع رموش الأطفال ويتجشأ أحلامهم في مدى الخوف الذي ينتشر فراغا يحبل بالاحتمالات في الغرف المظلمة, والراديو ينظم دقات قلوب الساكنين المختبئين تحت الأغطية الصوفية
ينظر من النافذة, دبابات الاحتلال تجاوزت منزله وصارت الآن على مداخل المدينة القديمة, كنيسة المهد وحارة السريان والسوق القديم, معقل المقاومة, هناك قرر مناضلو الجهاد الإسلامي القتال كربلائيا, حتى آخر اختلاجة في القلب,
توغل الدبابات في عمق شريانه فيتوقف القلب عن الوجيب
دقت الساعة التي في الراديو, ارتجف القمر وقالت المذيعة : إنتصف ليل فلسطين!
****
هذا الفجر مديد كالنحيب !
****
"فليكن,
لا بد لي أن أرفض الموت"
والموت يحاصر صوت مارسيل خليفة, وفي ليالي القصف السعيدة, الليالي التي سيتذكرها من يعيش, سترتبط الذكرى بصوت الشيخ إمام ومارسيل وأميمة الخليل وفيروز, هذا, عربيا, هو الإسهام الأعظم في جعل موتنا أقل إيلاما
"لنا, خلف هذا المدى, إخوة يحبوننا"
****
المقتطفات الشعرية في النصوص أعلاه لكل من أدونيس,عبيدو باشا, مظفر النواب, ومحمود درويش
خفاقة
كانبهار العائدات من الأعراس
عند المساء
بصدور منتفضة
وعرق من دم الياسمين
خفاقة
كصبية
ترفع راية حمراء
في صحراء تعبد الله بصمت
خفاقة
كالطمأنينة ترتبك
في حضرة
الموت
على نصل الثواني الحاد
في عين الغزالة
قبل انطباق أفكاك الذئاب
على فستق جسدها
خفاقة
كروح الولد الهارب
من حصة التاريخ
كي يكتبه بالطلاء
على جدران المخيم
خفاقة
كفجيعة العائد
ينصبّ الدم من عروق يديه
خفاقة كالفرح
يجتاح التجاعيد
خفاقة أنتِ
خفاقة
أنتِ
أنتِ
أنتِ
يا
مولينكس
الخميس، سبتمبر 22، 2005
ضد الإيقاع
حوادث يومية
طفولة
الولد الذي سال دمه على الأرض
"الرجل المهم "
الرجل الذي بكى ذات فرح
القطارات
تنأى عن الأرض
تنأى القطارات بالراحلين
وحدها
تستعير المناديل شكل الحمام.
****
المرأة المزروعة على باب غرفته كراية منذ أن أخذوه نحو البعيد تلملم وقع كلماته وأغنيات فيروز ورائحة العرق المالح عن بلاط الممر البارد وتخفيها في أماكنها السرية في جانب الصدر الأيسر, هنالك حيث تخفي المناشير والذكريات وكل ما يقض نوم الحكومة
**
يا عنفوان الموج
يا قامة الزيتون
و يا اسم الراحلين نحو القلب
نامي !
****
المرأة, تلملم عن الأرض قطرات دمعها المالح وتخفيها في ثنايا قميصه المكوي في الخزانة المغلقة منذ دهر
حين أخذوه, لم يتطلع خلفه, وحين اختفوا فوق الجبل, سقطت من السماء عصافير السمّن والأفق اضطرب بصوت العويل
****
حين زارته قبّل إصبعها بشفتيه الزرقاوين من وراء الشبك المتسخ والبارد, ولم يقل لها سوى : كيفك
وعندما عادت, غمست الإصبع المضيء في قلبها فانفطرت النجوم, وسكر الناس من وجعهم البهيج
الأربعاء، سبتمبر 07، 2005
عيد ميلاده اليومي
يولد أبو سريع في فضاء غرفة مليء بدخان محلي رخيص, يقف هنالك على الباب الفاصل ما بين القلب و الذاكرة, وعلى البال الواصل ما بين النصل و الخاصرة المفتوحة كأفق لا يتسع سوى للعويل, عويل ممتد و عال كرصاص مخزن "الآلي" يطير في السماء ليُسقط السماء..
يولد, ويملأ حلقي بزجاج مكسر .
أنا أعرف أنه لم يعد هنا ..
القبر البارد يضم جسده هناك, وصوته ضاع منذ شهور في هواء المدينة الراكد, ضاع تحت أقدام الذاهبين و العائدين من وقتهم نحو المجهول الكامن في كل لحظة, الموت المتربص في الازقة ,الموت الذي يستفرد برام الله منذ رحل أبو سريع.
يولد أبو سريع في غرفة تضيء حيطانها شعارات الثورة و ملصقات "القطب الطلابي التقدمي" .. غرفة بلاطها يعج بأكواب البلاستيك الفقيرة و المشبعة برائحة عرق حداد..يستحلب ريقه و يتمنى لو كان معنا,لكن المدينة الصاحية الى ساعات الفجر المبكرة لم تعد تحن الى صوت خطاه التي تلاشت في البعيد, أذهلها كل هذا الفقدان المتواصل, فنسيت أبو سريع, و غاب أبو سريع في زحمة الاسماء التي "نتصبح" بها كل يوم على ملصقات جديدة.
يولد أبو سريع في نكات الرفاق و أحاديثهم الملأى بجلد الذات و يقف مكان نجمة لأنه يعرف كيف يضيء ليلة قاتمة .
يعود أبو سريع الينا بروحه المطفأة, بعينيه المفتوحتين ككهف عميق من الوجع, يتحدث معنا, يواسينا, يمسح بكفه العريض الخشن على قلوبنا, يبكي علينا ونحن نواصل عبثنا دون أن نراه.