الاثنين، أكتوبر 10، 2005

صار وقتها



إلى عيسى عابد

بتعرف يابوسريع إنو صارلي سنة ما زرتش قبرك, وأكيد انت مش عتبان, أنا هيك بقول لحالي, لأنو اللي زيك مشغولين بقضايا أكبر بكتير من المجاملات, ولأنهم صاروا أعلى من العلاقات الشخصية, هم ما عادوا أشخاص, هم تحولوا لحالة, لقضية, وهالقضية متل كل القضايا ما بنتذكرها غير بالمناسبات الرسمية, وفي الأزمات الخاصة, وفي معرض تأكيدنا على انو نحنا بننتمي للحالة, بالضبط متل المخصي اللي بيفتخر بطول زب إبن عمتو
بس مرات, بدك تعرف, إنو بتذكرك, بالأحرى كتير بتذكرك, رفيق, بالذات لما أشرب, ولما يتحول العرق لضمير كبير, ابيض, وحاد في روحي. بتذكرك وببكي.

بتعرف يا رفيق, إنو إذا بكتبلك شي رسالة عالإنترنت, بتكون هاي المسألة كمان جزء من هالإستعراض, لأنو الشهدا ما بيشوفوا انترنت, بتكون جزء من استعراض الواحد لعلاقتو بكل الأشياء الطاهرة والنضيفة, ردا يمكن على كل هالوسخ اللي بيحوّطنا. يمكن انت تحولت لأداة, لأ: أكيد انت تحولت لأداة, بإيدي وبإيد غيري
انت صرت أول شي أداة بإيدي عشان أقدر أحافظ على توازني بحالة هالإضطراب المقيم اللي ضربت كل القيم والمبادئ بهالبلد
وإنت صرت, عموما, دليل بنستعيض فيه عن هالرعب الغير مبرر اللي بنعاني منو كلنا, كبشر, من الموت, انت صرت الجواب, عملناك أكبر من الموت عشان نشوف حالنا فيك ونقول: في طريقة الواحد يشق طريقو للخلاص الفردي عبر الفعل التضحوي في سبيل الجماعة. طريق أخرى ملتوية للسعي للخلود يمكن, بعد ما ديلمون ضاعت, والطريق بيناتنا وبينها صارت محوطة بالسلك الشائك والجدار والجندي والجندي الصديق وباليومي المقيت اللي معبينا.
بس اللي بعرفو بالمقابل إن هالأسئلة الوجودية ما كانت تشغل بالك, انت كنت زبال بسيط, عفوا: مناضل ماركسي ومثقف ثوري, وقبل كلشي وبعد كلشي : زبال, و إنسان قلبه أكبر بكثييير من قدرتو على التحليل والتنظير. رغم قدرتو على التحليل والتنظير.
باختصار وفي كتير حالات: إنت كنت الدليل الأسطع على إن الفذلكة الأيدلوجية هي أداة بيستعيض فيها الناقص عن نقصه, عن عدم قدرته للوصول لقوة المثال اللي إنت بتمثلها.
هياتني بلشت أنظّر, سامحني

تجاوزا لكل هالحكي, تذكرت بشي مرة لما سهرنا سوى بالطيرة, وقلتلي انو اللحظة الوحيدة اللي يمكن الانسان يكون فيها صادق مع حالو هي لما يكتب قصيدة صغيرة ومش معدة للنشر, مش معدة للخطاب, ومش صالحة للطباعة على ورق.
هياتني كتبتلك شي صغير, كتبتو وأنا قاعد مع حالي ومعك, ومتل ما بتحب: ما نشرتو على ورق, كتبتو بقرنة كتير صغيرة وصعب حدا يلاقيها


1.
وحيدة
لكنها تغني



2.

أجمل من هذي الحياة
موتنا الكثير
الموشى بالهتافات
والياسمين



3.

"عيسى"
يسكن جذرك بطن الأرض
تحبل عين الشمس بعمرك
نسغ الشجر يصعد فيك
صدفة
تموت
واقفا
وأخضرا
ومديدا
كشجرة

4.

يسيل البكاء من اصابعها
يضوع العشب بالمسك
كفّها,بالحناء
تحضن الرخام البارد
"ولا تحسبن"..
ترتعد الوردة في الكف



وبطريقة ما
يخفق القلب العميق
تحت التراب
والرخام
والزمن المتراكم منذ استشهاده












النهااااااااااااية

وأنت يا مقيم الصلاة, شو بتستنى ؟؟

هناك تعليق واحد:

tenderGIRL يقول...

ذكرتني
وما كنت نسيت
وانت بالارض
علي بكيت
وعدتني تسبقني
لما لحقت ما اخذتني
مشيت تصاحب الموت
بكل برود تركتني