قيدوا شمعة يا أحبة ونورولي
رمشتين من رمش عين وبيندهولي
من هنا, سكة ملامة
من هنا
سكة ندامة
سكتين, يالله السلامة
أمشي فين, يا ناس قولولي
قيدوا
شمعة
ونورولي
1
أسود
يبتسم الولد ذي الشفتين اللتان تبدوان كقطرتي ندى, يضحك حين يحمله الرجل الذي يشبه دبا ضخما طيبا.
يمد الولد كفه الوردية اليمنى نحو ثدي الرجل, فيفر عصفور داخل صدره الذي يشبه جلد غوريللا مكسوة بالشعر.
الرجل, يحدق في عينين أصغر من قطرتي عسل, يضع اصبعه على شفتي الطفل الذي يثغو.. ينظر الرجل الى معصمه الأيسر: " حان وقت العمل".
يضع الطفل في مهده الخشبي فوق الأرض الباردة المفروشة بالحصير, يقبله ويربت على كتف الأم الساكنة التي تحيك الصوف أمام الموقد.
يضع قلبه في الخزانة, يرتدي, تحت معطفه الأسود, جرزة صوفية مثقوبة من جهة القلب , ثم يغلق الباب بهدوء كي لا يزعج الملاك الذي نام للتو.
"مسرور", سياف الخليفة, يذهب الى عمله, كعادته منذ سنوات!!
***
2
رمادي
هذه السيجارة, لن تستطيع ادفاء صدرك, ذاك المستباح أمام الشحاذين, ورئيس شرطة المدينة, و الأبناء المراهقين لتجار الذهب والصيارفة.
لم تعد تستطيع إدفاء صدرك يا امرأة تفرك جلدها عند حمّام الفجر البارد بخرقة تكاد تمزقه لكي تستطيع النوم وفي مسامها رائحة أخرى غير رائحة لعاب الزبائن الليليين.
لن تدفع الصقيع عن صدرك, تلك الجمرة الصغيرة, يا امرأة الشوارع المظلمة كقلب لا يطرق بابه سوى السكارى و زبائن الفجر البارد, فتعالي الي أنا؛ بائع الزهور الذابلة الذي يرش ايامه على الرصيف المقابل لرصيف الداعرات وهو يصفر أغنية طويلة وحزينة كالعمر الذي أمضاه في زحمة المدينة التي يشبه لونها رماد سيجارتك.
***
3
أحمر
تحت الحجر, زرعته, ذلك الحجر الذي يكاد ينشق عن وردة حمراء كهتاف الصبية في مظاهرتهم الأولى, كشهيق الشهيد الأخير, وكبرقوقة تشعل الظهيرة تحت عش السنونو, تحت الحجر تماما, في تربة رطبة حبلى بعشب السنين القادمة الذي سينام عليه عاشقين في زمن آت.
زرعته تحت حجر, لم يكن لدي الوقت الكافي لألفه برسالة عاشقة, ولم يُبقِ لي الرصاص الذي يثقب الهواء والصباحات والأفئدة شهيقا كافيا كي أزيل عنه الصدأ
تحت الحجر زرعته, تماما تحت الحجر, حيث ستسندين رأسك ذات ليلة وتنظرين نحو النجوم وتعُدين الأيام التي تبتدئ من حيث قدميك وتمتد حتى تتخلل مفرق شعرك, وتصير في ليل المساكين نجمة.
هنالك, تحت الحجر, حيث العشب الذي يشق رحم التراب صهيلا صاعدا نحو نحر الشمس وأفراح الغلابا و أعياد العنب
يا التي كنت ساعشقها يوما
ضعي أذنك على العشب يوما, لأجلي, ستسمعينه من تحت الحجر, كجناحي يمامة, يخفق .
***
4
أبيض
غيمة فوق الأرض, تلد حمائما, وتتشكل أمام عيني الطفل : غزالا
غيمة بيضاء فوق الارض, تستولد الأغاني, فيسيل منها الندى على أسطحة البيوت المعشوشبة فوق حكايا الجدات اللواتي تلمع أعينهن كالخرز في الشتاءات قرب الأطفال الذين يعاندون النوم
غيمة بيضاء تسيل من قنبلة الغاز تتخلل جرزة الصوف, والجلد الطري, والعينين اللتان ترعيان في السماء, سكينة قطيع الغزلان الشاردة
غيمة بيضاء, تبتلع جسده الساخن الداخل توا في حلق الموت, وفي عينيه صورة لغزال سارح في زرقة السماء
***
5
أزرق
كالبحر, ينفتح الأفق أمام عينيه, فيغني عن سور عكا موالا طويلا كليل العسكر
"عكا فرس من موج
عا شطّ البحر
عكا إسم للطير والأفراح
وما غنّى العمر"
تحاصر أغنيته الحشرجة, فيشعل لفافة التبغ المغموسة بعبق البحر, وينفث روحه في المدى طيرا يحلق في سماء الشعوب
"عكا, فرس
عصفور طار فوق الحدود
رغم الحرس
عكا بحر
عكا جبل
عكا عمر جاي
عكا. أنا
موال أزرق, ميجنا
كيف اللي حاصر أو دخل
لبيوتك البيضا.. رحل
كيف اللي عمره ما انكسر
ع بوابك الخضرا انكسر "
على الشاطئ المكسور بالسور الصخري, يصفر أغنية عاشقة حزينة, ويطير نحو المدى, قفزة حرة نحو الصخور والرذاذ ومزق الأشرعة . صوت مكتوم لا يكسر عادة البحر اليومية, والجمجمة التي انكسرت فاندلقت منها الأغاني غاصت في زرقة البحر صرخة مكتومة لن يسمعها أحد.
***
6
أخضر
تلحسوا طيزي, إنتوا ما صدقتوا ؟ :)
أما أنت يا مقيم الصلاة, أعطيها بتعطيك
أي شيء لم نقدمه لهذا الوطن ؟
بعضنا مات
والبعض الآخر مشغول
بتدبيج الخطابات
***
تكتب في القلب نشيدا-
لم يسمع أحد بغنائك-
فالكل يراك نهائيا
...معتادا, للحد الأبعد
ما همّ؟!
دفء القلب يعيد صياغتك
داخلك المتشقق يلتئم/ تتماهى
مع أحلامك
وتصير نشيدا
يُكتب في صفحتهم
وتصير بروقا..وتصير بيارق!
**
ستكون الكلمات غبارا من برق
يلثم صورتك الزائلة
ستُمحى بالهالة
سيصيّرُك دعاة الثورة قديسا
من خلف مكاتبهم
ما همّ؟!
تكتب تاريخ الوجع الدامي
أم تسقط منتحرا
..ما همَّ؟!
بكت الحسناء النائمةأم لم تبك
...سينسونك
ستصبح فيما بعد "نهائيا"
"معتادا.. للحد الأبعد"
سيعيش أولئك عمرهم
في حين تسافر رحلتك القصوى
في المجهول.
.ما همّ!