تنبغي الإشارة إلى أن مقدمات هذا الموضوع انبنت على استحضاري لفيلم وودي آلين بعد قراءتي لنص هيرقليطس "بورنوغرافيا" وأن ثيمة نصه (كما أفهمها) تشبه إلى حد بعيد روح الفيلم. كما وينبغي القول أن الفيلم ليس ايروتيكيا , ولا يحوي أية مشاهد إيروتيكية بالمطلق.
قصة الفيلم :
الفيلم نفسه مؤسس على كتاب د. ديفيد رؤوبين الصادر في أواخر الستينيات تحت العنوان ذاته, وقد صار أيقونة من أيقونات "الثورة" الجنسية الأميركانية مما استدعى المخرج النيويوركي الساخر وودي آلين إلى استخدام الكتاب في عمل يسخر من المجتمع, و "الثورة", ومن الكتاب ذاته.
ينقسم سيناريو الفيلم إلى سبعة مشاهد منفصلة, لا يربطها إلا ثيمة الجنس (الخارج من غرف النوم المغلقة إلى الشارع العام) , عبر الإنتقال من مشهد مهرج الملك العاشق (القرون الوسطى) الذي يسقي الملكة مشروبا سحريا لتفعيل الرغبة لديها (مشروب الحب) ليصطدم بالعائق تلو العائق إلى أن يفاجأ بأن حبيبته ترتدي حزام عفة من فولاذ مغلق بمفتاح معلق برقبة زوجها الملك. إلى مشهد الراعي الشاب الذي يحضر إلى عيادة طبيب نفسي لكي يساعده في نسيان حبيبته (أنثى الخروف التي ما عادت تحبه), لتؤدي في النتيجة إلى سقوط الطبيب النفسي ذاته في حب "الخروفة" . إلى مشاكل مواطن عادي مع زوجته التي لا تصل إلى "الذروة" أثناء ممارسة الحب, ووصوله إلى حل سعيد يقتضي بأن يمارس الجنس مع زوجته في الأماكن العامة. إلى التابو المفروض على الـ
crossdressers
عبر مشهدية مليئة بالصدف التي تذكر بمسرحية ميكافيللي "اليحمور" . عروجا على قصة الثدي الخطير(المفضلة لدي) الذي يهاجم البلد ويقتضي استعدادات خاصة. وصولا إلى مشهد "ماذا يحدث أثناء الإنتصاب" وقصة حياة وطموحات حيوانات منوية شابة تعيش قلقا وجوديا خطيرا, وتعاني من انعدام ضمانات مستقبل سعيد في عالم يعزل الجنس عن حقيقته كآلية استيلاد وتكاثر.
يطرح الفيلم, قضايا هامة تتعلق بنظرة المجتمع الأميركي والغربي عموما إلى الجنس, ويقف من زاوية الجنس للنظر في عيني "إرادوية التحطيم" التي تنبني عليها ثقافة الـ
sixties
البوهيمية. من القضايا التي يضيؤها الفيلم مثلا: قضية الشهوانية مقابل القمع الجسدي المجتمعي , ومدى شرعية رغبة كل منهما في تحطيم الآخر(عبر معادلة الـ
sixties
التي لا ترضى حلولا وسطى), والأمر لا زال يناقش حتى اللحظة(بطرق أكثر إملالا وشعاراتية), حتى في البرامج الإنتخابية لمرشحي الدخول للبيت الأبيض (شعار ريغان وبوش حول : دعم قيم العائلة الأميركية مثلا).
إحدى القضايا الهامة التي يناقشها الفيلم, قضية الفضيحة المجتمعية , وأثرها في تحطيم الفرد في مجتمع ينظر إلى العالم من حوله عبر التلفاز, ويستند إلى الوسيط الإعلامي لتحديد موقفه من القضايا الآنية, ومن نظرته إلى ذاته (مشهد الطبيب النفسي مثلا).
أحداث الفيلم مشوقة, و طريقة وودي آلين في "تصعيد" حبكة المشهد, ومن ثم حلها ليست مضحكة (بالمعنى الجسدي الفظ للكلمة) بقدر ما هي تبعث على السخرية والتأمل.
وهذه هي وظيفة "الساتيرا" بعد كل شيء
تعبت
أما أنت يا مقيم الصلاة: إطفي الضو بعد ما تخلص
__________________
للإستزادة
http://www.moria.co.nz/sf/everythingaboutsex.htm